ريادة الأعمال والتكنولوجيا أمل المستقبل للتعايش الإسرائيلي المصري

الأعمال والتكنولوجيا أمل للتعايش المصري الأسرائيلي

  • icon_zoom.png
    معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر حقوق الملكية: SA'AR YA'ACOV
     
     

    رغم الخلاف بين الساسة وتعطل المفاوضات، ينشط الشباب ويحققون النجاح من خلال مشاريع رائدة مشتركة تساهم في التقارب بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويمكن أن تكون سبيلا للسلام والتعايش.

    ريادة الأعمال في مجال التكنولوجيا تفتح المجال أمام التعاون بين الناس والدول في نفس الوقت. والريادة في هذا المجال في مصر تتطور بسرعة كبيرة، وتلقى الدعم من الحكومة والشركات الخاصة وأطراف دولية. ويقود التعاون الإسرائيلي- الفلسطيني في هذا المجال، الإسرائيلي أوهاد الحلو والفلسطيني سنان أبو شنب، بدعم دولي. ومثل هذا التعاون يمكن أن يكون مناسبا للمصريين الذين يعملون بمجال التكنولوجيا في مصر ويهتمون بالتحسين والتطور والنجاح والدخول إلى أسواق جديدة.



    وقد أنشأ أوهاد الحلو عام 2015) OGS - Our
    Generation Speaks جيلنا يتحدث)، وهي حاضنة مجموعة من "ستارت آب Start-Up" مشتركة للفلسطينيين والإسرائيليين. "لقد قمنا بمغامرة في مجال ريادة الأعمال. بعض المنظمات تجمع الناس وتطلق حوارا حول الصراع، ولكن خلافا لهؤلاء أردت بناء شيء مشترك من شأنه أن يخدم مجتمعاتنا فيما بعد" يقول الحلو، ويضيف "قررت أن أركزعلى الشباب الذين يتمتعون بإمكانيات قيادية. واخترت عالم ريادة الأعمال، لاعتقادي أنها أفضل منصة لبناء الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

    وتمكن الحلو من تشكيل فريق وتجنيد عدد من المستثمرين منهم مثل روبرت كرافت مالك فريق كرة القدم الأمريكية نيو انغلاند، وآرون آين الرئيس التنفيذي لشركة كرونوس، ورجل الأعمال والمستثمر جدعون أرغوف، ومستثمرين آخرين. حتى الآن، حصل المشروع على دعم مالي بنحو 4 ملايين دولار، كما تدعمه جامعة برانديز أيضا ومؤسسة MassChallenge الدولية.

    ويشرح عماد تلحمي، الرئيس التنفيذي لشركة بابكوم (التي تمارس خدمة الرد على الهاتف والمبيعات) وعضو مجلس إدارة (OGS جيلنا يتحدث) سبب انضمامه إلى المجموعة: "عندما يستيقظ الناس في الصباح ولديهم مشروع مشترك، يركزون على النقاط القوية لدى الآخر وعلى الأشياء التي يمكن القيام بها

    معا. وحينها تختفي جميع العوائق في إطار هذا المشروع. وحسب رأيي، يأتي السلام عبر التعاون الاقتصادي".

    المرشدون الإسرائيليين والفلسطينيون

    افتتحت الدورة الأولى من الحاضنة قبل عام، من خلال 300 طلب تقدم به مرشحون إسرائيليون وفلسطينيون، 70 منهم اجتازوا الفحص الأولي وتمت دعوتهم إلى مقابلة في تل أبيب ورام الله وحيفا والقدس وبيت لحم. في نهاية المطاف، تم اختيار 22 مشاركا. "المرشحون الوحيدون الذي لم يتم اللقاء بهم وجها لوجه كانوا من قطاع غزة، وكان علينا أن نجري معهم مكالمات عبر تطبيق سكايب" يقول الحلو، الذي أشار إلى أن النسبة بين الإسرائيليين والفلسطينيين كانت متقاربة وكذلك بين الذكور والإناث أيضا. ومنذ ذلك الحين، تقرر أن يكون أعضاء مجلس الإدارة والمرشدون والمستثمرون أيضا بالتساوي من الفلسطينيين والإسرائيليين.

    كل رائد أعمال يشارك في المشروع، يرافقه مرشد يكون على الأغلب مؤسس أو رئيس تنفيذي لشركة كبيرة. بين المرشدين نجد جدعون أرغوف رئيس شركة سرفترونيكس، وهاني علمي قطب الإعلام الفلسطيني، صاحب شركة الاتصالات Coolnet.

    يختلف برنامج OGS عن معظم برامج التسريع والحاضنات، لأنه بمثابة أرض خصبة للأفكار التي لم تنضج بعد، مقابل الحاضنات التي تروج للشركات القائمة. ويبقى المشاركون في الحاضنة في بوسطن لمدة ثلاثة أشهر، يتم العمل خلالها بشكل وثيق مع المرشدين على إنشاء المشروع وفهم السوق التي يعملون فيها، وكيفية مواجهة مختلف التحديات التجارية التي تنتظرهم في المستقبل. بعد ذلك، يستمر رواد الأعمال في الوصول إلى مختلف أنشطة الحاضنة في إطار جمعية الخريجين. 10 من أصل 22 خريجا من الدورة الأولى يعملون حاليا في ثلاث شركات تم بناؤها في الحاضنة. وتلقت كل شركة رأسمال أولي قدره 60,000 دولار، دون أخذ أسهم منها في المقابل.

    أما الذي يشارك الحلو في إدارة البرنامج، فهو الفلسطيني سنان أبو شنب (29عاما) من بيت لحم، حاصل على بكالوريوس في دراسات الحاسوب من جامعة القدس، والماجستير في الإدارة والتنمية العالمية من جامعة في لندن، وماجستير إضافية في فلسفة الأديان من جامعة برلين الحرة.

    التقى الحلو وأبو شنب في بوسطن. فقد شارك أبو شنب في برنامج لتبادل الطلاب بين جامعة القدس وجامعة برانديز

    عام 2007، لكنه بقي في بوسطن بعد ذلك، وحافظ على العلاقة مع أعضاء الهيئة التدريسة واستمر في التواصل معهم. عام 2013، تعرف الحلو وأبو شنب على بعضهما من خلال أحد أعضاء الهيئة التدريسية.

    "أحمل الرؤية الفلسطينية للمشروع " يقول أبو شنب. ويضيف بأن "هناك الكثير من المشاعر والتفاصيل التي لَابد من أن نجمع بينها، والناس تأتي مع الكثير من النَشاط من جهة، ولا ينسون من أين أتوا من جهة أخرى. يجب أن نتاكد أن الأمور تسير بسهولة".

    القضاء على الأمراض الوراثية في النقب

    تمخضت ثلاثة مشاريع عن الدورة الأولى لـOGS . المشروع الأول هو منظمة غير ربحية تسمى "جينيسيس"، وهي مشروع اجتماعي وتكنولوجي لحل مشكلة الأمراض الوراثية لدى السكان البدو في جنوب إسرائيل. تم إنشاء المشروع من قبل 7 من أصل 22 مشاركا في الدورة، بينهم ثلاث رائدات أعمال: بدوية ويهوديتان إحداهما متدينة والأخرى علمانية. من المرجح أنه وكما كان الاجتماع بين الحلو وأبو شنب صدفة، كذلك لم تلتق مؤسِسات المشروع ياسمين أبو فريحة ومرية ديشل ونعومي ابراهام، في أي مكان آخر من قبل.

    وقد جاء المشروع نتيجة حقيقة مؤلمة، وهي أن معدل الأمراض الوراثية بين الأطفال البدو في إسرائيل أعلى بعشرة أضعاف مما هو عليه بين الأطفال اليهود. ياسمين أبو فريحة الطبيبة في مستشفى سوروكا، هي التي طرحت فكرة المشروع، لأن "هناك مشكلة خطيرة في المجتمع البدوي وكذلك في غزة والضفة الغربية، وهي وجود نسبة عالية جدا من الأمراض الوراثية. والسبب الرئيسي هو الزواج داخل الأسرة بين الأقارب مع تجنب الاختبارات الجينية والإجهاض" تقول أبو فريحة.

    وحسب كلامها، توفر وزارة الصحة الاختبارات الجينية للمتزوجين، إلا أن الاختبارات المتوفرة قليلة، والسكان البدو لا يحبذون إجراءها. وتضيف في هذا السياق أن "هناك العديد من العوائق التي تنشر شكا كبيرا بين السكان البدو، هذا بالإضافة إلى عدم إمكانية الوصول إلى هذه الاختبارات. ولا تجري 95 % من النساء البدويات هذه الاختبارات إلا بعد أن يكون لديهن طفل مريض". وتتابع أبو فريحة حديثها عن المشروع والهدف منه: "نريد أن نمنع أول طفل مريض. والطريقة هي بالوصول إلى المدارس والمساجد والمراكز الاجتماعية وإجراء الاختبارات، وبناء مخزون جيني مخصص للبدو". وتوضح بأن هناك أكثر من 100 مرض وراثي في النقب فقط! والمشروع حاليا في مراحله الأولى، ويتلقى الدعم من المختصين والمعنيين في سوروكا.

    التفاؤل بنجاح التعاون الإسرائيلي الفلسطيني

    "ستارت آب Start-Up" آخر أنشئ في إطار الحاضنة، ويعمل حاليا في رام الله وهو Qual.IT، الذي يوفر خدمات اختبار البرمجيات لشركات إسرائيلية. وقد أسس المشروع سبعة شركاء، إسرائيليان واثنان من المواطنين العرب في إسرائيل وثلاثة فلسطينيين أحدهم من غزة. "نعلم أن هناك مواهب كثيرة بين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، ونريد أن يعرفوا هم (الإسرائيليون) أيضا عنا" يقول محمود، رائد الأعمال من غزة الذي يعيش الآن في كندا، وطلب عدم الكشف عن اسم عائلته، ويضيف "لدينا أول زبون، والفكرة هي استخدام الأَسواق الإسرائيلية كمنصة للانطلاق والانتشار في العالم".

    ويتابع متفائلا بنجاج المشروع والمستقبل "من قبل لم تكن لدي فرصة للاجتماع والالتقاء بإسرائيليين، وكان اللقاء في البداية صعبا بالنسبة لي، لأن كل ما عرفته عنهم سابقا كان الزي العسكري. لم أكن أعرف شيئا عن الحياة والثقافة في إسرائيل، وأنا على يقين أن الأمر كذلك بالنسبة إليهم أيضا. ربما لا يمكننا حل الصراع اليوم، ولكن إذا عرف المزيد من الإسرائيليين والفلسطينيين عن بضعهم وكان هناك لقاء وتعاون، فإننا سننجح".

    تل أبيب نموذج يحتذي بالنسبة لرام الله!

    أما المشروع الثالث الذي ولد في إطار الحاضنة، فقد أطلق عليه اسم "مفبير "MVPEER الذي أسسه ستة من رواد الأعمال، ثلاثة إسرائيليين وثلاثة فلسطينيين. وتتكون الشركة من أربعة موظفين، اثنان من المؤسسين هما دانيال شوشاني وداود زكارن، وشريكان مسؤولان عن إدارة فريق التطوير، الذي يوجد مقره في رام الله. تعمل الشركة من القدس، ويتم معظم العمل على المشاريع عبر الإنترنت.

    الشركة توفر خدمة "Minimum Viable Product" (MVV) لمجموعات "ستارت آب Start-Up" في بداية إنشائها، حيث تساعدها على تطوير وإطلاق المنتجات الأولية لاختبار الافتراضات الأساسية للمنتج.

    "إن السلطة الفلسطينية لديها الكثير من خريجي الجامعات في مجال الحاسوب والبرمجة، ولكن معدل البطالة أعلى من 40%"، يقول شوشاني، مشيرا إلى أن الشركة تجري حاليا محادثات مع ثلاثة زبائن.

    ويوضح أن التعقيد والمشاكل المنبثقة عن الصراع تختفي لدى الانخراط في عالم الأعمال. ويضيف أنه "عندما يتحدث رائد أعمال اسرائيلي مع مدير تنمية فلسطيني، تنشأ طريقة جديدة للقاء بين الشعبين، ونتوقع أن تتقدم رام الله وتصبح نموذجا مصغرا لتل أبيب. وصلة الفلسطينيين بالستارتاب نييشن "Start-Up

    nation" يمكن أن تكون المحرك الرئيسي للنمو، وآمل أن نلعب دورا هاما في دفع هذه المسألة إلى الأمام".

    من جانبه يعتقد جدعون أرغوف، الذي استثمر في الحاضنة في مراحلها المبكرة، أن أحد العوائق الرئيسية التي تعترض سبيل التفاهم المتبادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو عدم معرفة كل طرف للآخر و"التماس بينهما يكاد يكون سلبيا تماما"، يقول أرغوف. وحسب رأيه يمكن للقناة الريادية التكنولوجية أن تفتح ثغرة يبدأ منها التغيير. ويشير إلى أنه "حتى اليوم يستند الصراع على الأعمال السابقة وكذلك الحديث عنه، وربما يمكننا تطبيق النموذج المعروف من التكنولوجيا الفائقة، التي تتيح المجال للابتكار لدى الحوار مع الفلسطينيين. نريد أن ننظر إلى المستقبل من خلال العمل المشترك".

    وعلى الرغم من تفاؤل القائمين على المشروع، فإن المستثمرين ومديري البرنامج يدركون الصعوبات التي يواجهونها، وخاصة أن هذه الشركات يجري بناؤها بوتيرة متسارعة وفي فترة قصيرة. "لم تتحقق الأهداف بعد. فالمشروع لا يزال جديدا. ولكن اليوم يمكننا القول، إننا نستطيع العمل معا. هناك صعوبَات، ولكن هناك أسباب وجيهة أيضا للاعتقاد بأن هذا النموذج يمكن أن يستمر وينجح، ولكن لا يمكننا معرفة ذلك قبل خمس سنوات. إننا نحتاج للصبر" يختم جدعون أرغوف​