تبدأ صباح اليوم المراسم في "ياد فاشيم" بإطلاق الصفارات لمدة دقيقتين في جميع أنحاء البلاد حدادًا على أرواح 6 ملايين يهودي ضحايا المحرقة. وخلال هذه المدة، يتوقف جميع الناس عن عملهم, ويقف الناس الماشون في الشوارع, وتقف السيارات على هوامش الطرق, والجميع يقفون بصمت على ذكرى ضحايا المحرقة.
وبعد ذلك, تتركز المراسم في "ياد فاشيم" بوضع أكاليل من الزهور إلى جانب المشاعل الستة, على أيدي شخصيات بارزة وممثلين عن مجموعات الناجين ومؤسسات مختلفة. وسيقام احتفال خاص بحركات الشبيبة بحضور المئات من أبناء الشبيبة بغور الجاليات في "ياد فاشيم".
كذلك تقام مراسم تذكارية في مواقع تخليد أخرى في إسرائيل, مثل كيبوتس محاربي الغيتوهات وكيبوتس ياد موردخاي, وكذلك في المدارس, والقواعد العسكرية, والسلطات المحلية, وأماكن العمل.
انطلقت الليلة الماضية مراسم احياء ذكرى الضحايا اليهود ال-6,000,000 الذين أُبيدوا خلال الكارثة التي حلت بالشعب اليهودي على أيدي الوحش النازي إبان الحرب العالمية الثانية في أوروبا
وهذا هو يوم تأبيني, يستمر حتى المساء. وفي هذا اليوم تكون أماكن الترفيه مغلقة وتقام مراسم تذكارية في جميع أنحاء البلاد.
وقال رئيس الدولة رؤوفين ريفلين في كلمته التأبينية التي القاها الليلة الماضية "أن الإنسان خُلق على صورة الله ومثاله وهذه هي الحقيقة اليهودية الإنسانية غاية الأساسية. هذا يشمل كل انسان. هذا هو واجب مقدس لا يستطيع الشعب اليهودي ولا يريد أن يتهرب منه في كل زمان وفي كل وضع. وهكذا لا نستطيع صم آذاننا ازاء الفظائع التي تجري في اماكن بعيدة سيما وراء الجدار.
جاء ذلك في المراسم الرئيسية لذكرى ضحايا المحرقة والبطولة في مؤسسة "ياد فاشيم" بأورشليم القدس بحضور رئيس الحكومة, وشخصيات بارزة, وناجين من المحرقة, وأولاد الناجين وأفراد عائلاتهم. ويجتمع جميعهم ومعهم جمهور من الناس ليشتركوا في المراسم التذكارية الرئيسية في مؤسسة "ياد فاشيم", حيث يقوم ستة من الناجين باشعال ست مشاعل، تمثل اليهود الستة ملايين الذين أبيدوا في المحرقة.
وفيما يلي نص الكلمة التي القاها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في المراسم الرسمية:
"سيدي رئيس الدولة ريؤوفين ريفلين وعقيلته نحاما والحضور الكرام, أعزاءنا الناجون من نار المحرقة وينيرون كأنهم مشاعل.
نشر الأسبوع الماضي بحث معمق اعتمد على أرشيف جرائم النازيين المتواجد في مقر الأمم المتحدة. وفقا لهذا البحث, علمت الدول الحليفة عن الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق اليهود في عام 1942. هذا هو واقع صادم لأن حتى الآن كانوا يعتقدون بأن الدول الحليفة أدركت حجم المحرقة سنتين بعد ذلك. أعرف هذا الأرشيف لأن عند وصولي إلى مقر الأمم المتحدة سفيرا لإسرائيل في العام 1984, طالبت بفتح هذا الأرشيف الذي كان مغلقا حتى هذا الحين وتمت تلبية مطالبتي هذه.
والآن, على ضوء هذا البحث الجديد, يتضح معناه المروع: لو عملت الدول الحليفة في العام 1942 ضد معسكرات الإبادة – وكل ما احتاجت له هذه المهمة كان إعادة قصفها – لكان باستطاعة الدول الحليفة أن تنقذ حياة 4 ملايين يهودي والملايين من البشر الأخرين. الدول العظمى علمت ولكنها لم تفعل شيئا. وحين تم ارتكاب فظائع مروعة بحق اليهود, حين تم إرسال إخوتنا وأخواتنا إلى المحارق - الدول العظمى علمت ولكنها لم تفعل شيئا.
الحضور الكرام, ما أدى إلى المأساة الفريدة من نوعها وغير القابلة للإدراك بحق شعبنا هو خليط بين ثلاثة عوامل: الكراهية العمياء حيال اليهود ولا مبالاة العالم حيال الفظائع وضعف شعبنا المروع في الشتات. هل اختفت هذه الكراهية؟ كلا, إنها لم تختف. وإن حكمنا هذا الأمر بناء على تاريخ معاداة السامية الذي يمتد على آلاف السنين, سيكون من السذاجة الاعتقاد بأنها ستختفي في المستقبل القريب.
وإلى جانب معاداة السامية التي تتجلى من جديد في الغرب, تجتاح كراهية كبيرة من الشرق: معاداة السامية التي ينتهجها الإسلام المتطرف على فرعيه اللذين يقادان من قبل إيران وداعش ويسعان بشكل جلي إلى إبادتنا. كراهية اليهود توجه الآن أيضا إلى دولة اليهود. معاداة السامية الجديدة-القديمة شائعة عند جهات معينة في الغرب وأيضا في مؤسسات الأمم المتحدة. النفاق يصرخ إلى السماء. أما لا مبالاة العالم فهل تغير شيء في هذا المجال؟ يجب الاعتراف أيضا في هذا السياق بأن الجواب على ذلك هو سلبي إلى حد كبير. صحيح بأن منذ الحرب العالمية الثانية لم تحدث مأساة تشابه المحرقة حجما ولكن هناك أحداث كثيرة يتجاهلها العالم ولا يمنع إبادة شعوب كما هو لا يمنع أيضا ارتكاب القتل الجماعي في كل من بيافرا ورواندا والسودان وحقا, أيضا في سوريا. ومع ذلك, في هذا الظلام, هناك بضعة نقاط من الضوء. إحداها هي رد الرئيس ترامب الحازم على ذبح الأطفال السوريين بالأسلحة الكيميائية.
ونحن أيضا لسنا غير مبالين حيال المعاناة في سوريا. لقد أقمنا مستشفى ميدانيا محاذيا للجدار الحدودي يعمل فيه أطباء إسرائيليون – يهود ودروز وعرب. إسرائيل عالجت في هذا المستشفى وفي مستشفيات أخرى آلاف الجرحى السوريين, بما فيهم أطفال كثيرين أصيبوا في هذه الحرب الوحشية.
ولكن الحقيقة البسيطة هي التالية: في عالمنا هذا - وجود الضعيف هش. فرص البقاء على الحياة بالنسبة له ليست كبيرة في وجه دول وحركات قاتلة. القوي هو الذي يبقى على قيد الحياة. الضعفاء يُمحون عن الوجود. شعبنا عاش هذه التجربة في المحرقة وهذه العبرة لا تزال أمام عيوننا في كل لحظة.
العبرة هي بأنه يجب علينا أن نكون قادرين على حماية أنفسنا بقوانا الذاتية من أي تهديد ومن أي عدو كان. هؤلاء الذين يسعون إلى إبادتنا يعرضون أنفسهم إلى خطر الإبادة. هذا ليس استفزازا أو مبالغة, بل هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان مستقبلنا بشكل حقيقي وبقدرتنا القيام بذلك. أقول هذه الكلمات من صميم قلبي لأن هذه العبرة ترشدني يوما بعد يوم, صباحًا ومساءً. هذه هي المهمة العليا, بل ليست الوحيدة, ولكنها المهمة العليا الملقاة على عاتق رئيس وزراء في إسرائيل. أقول ذلك باسم الناجين وباسمكم – أبناء الشعب اليهودي, المواطنين الإسرائيليين, وبما فيهم انتم – الناجون الأعزاء, لأننا أحدثنا جميعا – وأعني الأجيال التي بنت وتبنى دولة إسرائيل, أكبر تغيير في المصير اليهودي – بدلنا الضعف بالقوة!ّ
قد تحولنا من شعب أعزل إلى أمة متينة. تحولنا من شعب عديم قدرة الدفاع عن نفسه إلى دولة تمتلك قوة دفاعية تعتبر من الأقوى عالميا. إننا نعزز قوتنا العسكرية والاستخباراتية والتكنولوجية. نفتخر كثيرا بنظامنا الديمقراطي المفتوح والأخلاقي. إنه ينتج إنجازات مثيرة في الاقتصاد وفي العلوم وفي الثقافة – في جميع المجالات. هذه الإنجازات تعطينا الأمل والقوة لأن في وجه معاداة السامية المستمرة, أقول لكم, أيها المواطنين الإسرائيليين – إن شعوب كاملة تنظر بإعجاب إلى قوتنا وإلى إيماننا بقضيتنا العادلة وإلى استعدادنا للدفاع عن أرضنا وإلى قدرتنا على الإبداع المنقوشة بنا- وهذا هو تحول هائل. تحول شعب صغير كان بمثابة رماد وغبار قبل 75 عاما إلى قوة ملموسة على الساحة الدولية. من أين أتت هذه القوة؟ مصدرها هو الروح العظيمة التي يتمتع بها شعبنا والتي تتمثل بروح الناجين العظيمة.
وقد شاهدنا ذلك, أنا وزوجتي, الأسبوع الماضي, عندما التقينا موقدي المشاعل. القصص المثيرة للعواطف التي رويتموها أذهلتنا. على سبيل المثال, قصة ماكس بريفلير. نجيت وأنت طفل يبلغ 11 عاما من الموت على يد والدك الذي حماك بجسده في حفرة الإعدامات. خرجت مصابا من الحفرة ورأيت الجنود النازيين يشنقون والدتك ويمزقون جسد شقيقك الرضيع. لقد حلفت, وأنت طفل يهودي, بأن تنتقم وبأن تثار لهم. لقد هربت إلى الأحراش والتحقت بصفوف الجيش الأحمر وأنت تبلغ 14 عاما. وها هو ماكس, يجلس هنا معنا – شامخ وفخور, صدرك يحمل الميداليات ولديك أطفالا واحفادا وأطفالهم خدموا في صفوف جيش الدفاع الإسرائيلي.
أو قصة موشيه بورات – الطفل اليهودي من المجر. عندما كنت سجينا في معسكر الإبادة ماتهاوزين طبع النازيون على ذراعك الرقم 80-80-10. ويا لها للأعجوبة – حكيت لنا أن الرقم الشخصي الذي أعطي لك عند التحاقك بصفوف جيش الدفاع وأنت تبلغ 17 عاما كان نفس الرقم: 80-80-10.
هذا هو تلخيص قصة نهضتنا – الإنسان هو نفس الإنسان, الرقم هو نفس الرقم, ولكن المصير ليس نفس المصير. قد انتقلنا من عجز إلى قوة, من ظلام إلى نور, من الموت إلى الحياة. توجد فينا حيوية عظيمة وقدرات كبيرة وروح قوية. سنقف معا موحدين بإذن الله في وجه أي اخبار كان. سنصون بيتنا معا وسنضمن معا وجود الشعب اليهودي إلى الأبد!".