قام الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الليلة الماضية، بتقليد الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس ميدالية الحرية الرئاسية، وذلك في مراسم احتفالية أقيمت في البيت الأبيض. وقد حضر المراسم بالإضافة إلى الرئيس أوباما وسيدة الولايات المتحدة الأولى ميشيل أوباما 140 ضيفا، من بينهم كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية حاضرا وماضيا وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ونائب الرئيس جو بايدن ووزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت وكبار أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين.
وألقى الرئيس الأمريكي بهذه المناسبة خطابا خاصا عد فيه أسباب قراره تقليد الرئيس بيرس ميدالية الحرية الرئاسية التي تعتبر أعلى وسام شرف يقلده الرئيس الأمريكي. وقال الرئيس أوباما في معرض خطابه: "إن إسرائيل من أقرب وأقوى صديقاتنا وليس ثمة شخص عمل أكثر لبناء الصداقة بين الدولتين من الشخص الذي نكرمه الليلة، صديقنا شمعون بيرس. إننا نعتبر شمعون بيرس شخصا يمثل في جوهره إسرائيل، إذ يتحلى بشجاعة فائقة ومن المستحيل تحطيم معنوياته. لقد سعى شمعون لتقوية دولة إسرائيل بروح دافيد بن غوريون الذي قال إن قوة إسرائيل قادرة على تقريب السلام، وعمل مع جميع الرؤساء الأمريكيين ابتداء بعهد الرئيس جون كندي.
وأضاف أوباما قائلا: "إنني أعمل على ضمان أن يكون التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى، فإن أمن إسرائيل ليس موضع تفاوض، والعلاقات التي تربط بيننا لا يمكن كسرها. ويعرف شمعون أن أمن الدول لا يعتمد على قوة جيوشها فحسب، بل أيضا على عدالة طريقها وبوصلتها الأخلاقية، وأن علينا ألا نكتفي بمحاولة العثور على السلام، بل علينا السعي وراءه، علما بأن الهدف الذي يكرس له شمعون بيرس حياته هو السلام والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، ولجميع جارات إسرائيل العربية".
وأضاف أوباما مازحا: "إن شمعون بيرس هو بطل "الكام باك" (العودة إلى الأضواء) المطلق، ولا يزال يعمل على الفيسبوك واليوتيوب, ويتواصل دائما مع الشباب، ووجهه دائما إلى الأمام، ويعيش حلم تحويل الصحراء إلى أرض خضراء، وتنمية التكنولوجيا العالية الإسرائيلية".
ثم اعتلى الرئيس بيرس المنصة ليلقي خطابا شديد الانفعال، شكر في جزئه الأساسي الرئيس أوباما على دعمه المتين لإسرائيل، مؤكدا أن الميدالية تمثل وسام شرف للعلاقات الوثيقة العميقة بين الدولتين. وقال الرئيس بيرس مخاطبا الرئيس أوباما: "لقد تأثرت كثيرا بقرارك تقليدي ميدالية الحرية، فهو شرف عظيم لي، وإن تسلم الميدالية، ولا سيما منك، فخامة الرئيس، لهو فضل سيشعرني بالعرفان إلى الأبد، فهو شاهد على الصداقة التاريخية التي تربط بين شعبينا". وأكد الرئيس بيرس قائلا:" إن الشرف الذي أناله اليوم أناله نيابة عن الشعب في إسرائيل، فهم أصحابه الحقيقيون، إذ إنك بهذه اللفتة المؤثرة تحيي جيلا وراء جيل من اليهود الذين كانوا يحلمون ويقاتلون من أجل دولة خاصة بهم تكون ملاذا لهم ويستطيعون الدفاع عنها".
وقال الرئيس بيرس في الشان الاراني:"إن الخطر اليوم كامن في إيران، على أن الشعب الإيراني ليس هو عدونا، بل هي القيادة الحالية التي أصبحت تهديدا وحولت إيران إلى مصدر خطر يتهدد السلام العالمي. إنها قيادة تصبو لحكم الشرق الأوسط وتبث الإرهاب في جميع أنحاء العالم وتحاول بناء قنبلة نووية. إنهم يحلون الظلام في عالم تواق للضوء، وعلينا مسؤولية كبيرة نحو شعوبنا وأصدقائنا في العالم بأسره والأجيال القادمة. ومن الواجب إيقاف التهديد الإيراني، ولا يجوز التلكؤ. ولقد حرصت كثيرا، سيدي الرئيس، على إنشاء تحالف عالمي يتعامل مع هذا التهديد الفوري، وقد بدأت، وبحق، بفرض العقوبات الاقتصادية، ولقد أوضحت، بحق أيضا، أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، ونحن بالطبع نؤيد ذلك".
وحول القضية الفلسطينية قال الرئيس: "لقد سئم معظم الناس الحروب، وفي بيوت كثيرة تحزن العائلات على موت أعزائها، وإنني مؤمن بأن السلام مع الفلسطينيين مهم الآن أكثر من أي وقت مضى. إن السلام ضروري. إن السلام حيوي. إن السلام ممكن، وأي تأخير يقلل من فرص تحقيقه. إنني أذكر أن الرئيس كلينتون ساعدنا قبل 19 عاما في ساحات هذا البيت الخضراء على إطلاق عملية السلام. ومنذ ذلك الوقت، قطع الفلسطينيون والإسرائيليون شوطا بعيدا معا، ولكن لا يزال أمامنا الكثير من العمل، فإسرائيل والفلسطينيون أصبحوا اليوم مؤهلين لاستئناف العملية التي تعتمد فعلا على قاعدة متينة، وهي تتمثل في حل الدولتين لشعبين: الدولة اليهودية – إسرائيل، والدولة العربية – فلسطين. إن الفلسطينيين أقرب جيراننا وأنا على قناعة بأنهم سوف يصبحون أقرب أصدقائنا، ومن واجب القادة السعي وراء الحرية دون انقطاع، حتى في مواجهة العداء وفي مواجهة التشكك وخيبة الأمل. إن على القادة قيادة شعوبهم إلى الامام، لا مجرد محاولة حكمهم من فوق. تصوروا – لا أكثر – ما يمكن حدوثه...".
واختتم الرئيس خطابه قائلا: "أيها الأصدقاء الأعزاء، إن أكبر أمل يحدوني بزوغ فجر جديد، يستطيع فيه كل رجل وامرأة من الإسرائيليين والفلسطينيين والسوريين واللبنانيين الإفاقة في الصباح ليقولوا في أنفسهم: "إنني حر في أن أكون حرا". آمين.